كل يوم حكاية
6- نجيب محفوظ الذى لاتعرفونه
فى مذكراته التى املاها على الأديب الراحل رجاء النقاش وصدرت فى حياته يحكى لنا اديبنا العظيم عن حياته
يحكى عن والدته التى عاشت حتى تعدت المائة عام وتوفيت سنة 1968 وهى السنة التى حصل فيها على جائزة الدولة التقديرية وكان زوجها والد نجيب محفوظ قد توفى سنة 1937 وانه عاش معها فى منزلهم بالعباسية حتى سنة 1954 سنة زواجه
كانت والدته أمية لاتقرأ ولاتكتب وكانت تتمتع بصحة جيدة طوال عمرها فلم تذهب الى اى طبيب ابدا الا فى العام الأخير قبل وفاتها رقدت فى سريرها عاجزة عن الحركة
يحكى انها حتى بلغت حوالى التسعين من عمرها كانت تزور حى الحسين يوميا وعندما كانوا يسكنون فى الجمالية محل ميلاد نجيب كانت تصحبه معها لزيارة مسجد الحسين وحتى لما انتقلوا للعباسية لكنه كان قد كبر ولم يعد الطفل المطيع
ويحكى انها كانت تصحبه دائما الى المتحف المصرى وتحب قضاء اغلب وقتها فى حجرة المومياوات ولم يعرف السبب
وكانت بنفس حماسها لزيارة مسجد الحسين والمتحف المصرى حريصة دائما على زيارة دير مارى جرجس وكانت صديقة للراهبات هناك واحبوها جدا ويحكى انها ذات يوم احست ببعض التعب فلم تذهب للدير عدة ايام وفوجئوا بوفد من الراهبات يزورونها فى البيت للأطمئنان عليها وعندما سألها نجيب مرة عن سبب حبها للحسين ومارجرجس كانت تقول له :" كلهم بركة"
كانت تصحبه معها لأنه اصغر اولادها واخاه الأكبر منه كان طالبا فى الكلية الحربية ثم ضابط فى الجيش المصرى وخدم فى السودان ووصل الى رتبة لواء وخرج على المعاش على رتبة اللواء وتوفى سنة 1975 وكان لنجيب ابن اخت ضابط استشهد فى حرب اكتوبر 73 وابنه ايضا كان ضابطا مثله واستشهدا سويا فى اكتوبر 73
يحكى نجيب ان اسرته كانت مليئة بسيدات تعلمن فى مدارس اجنبية ويعزفون على الموسيقى ولكنه لم يجد عندهن ثقافة والدته الأمية ولاحبها للأثار المصرية وكانت مغرمة بسماع اغانى سيد درويش ويحكى انها لم تدخل السينما ابدا الا مرة واحدة لمشاهدة فيلم "ظهور الاسلام" عندما سمعت البعض يقول ان من يشاهد الفيلم كأنه ذهب للحج
كان من الملحوظات على ادب نجيب محفوظ انه الوحيد الذى ليس له قصة تجرى احداثها فى الريف والقرية ابدا وسبب ذلك كما قال انه لم يذهب ابدا الى الريف الا مرة واحدة فى طفولته فى الفيوم عندما سافر مع بعض اقارب والده ولم يستمر الا اسبوع ثم صمم على اعادته للقاهرة فلم يعيش فى القرية ومع الفلاحين ويعرف حياتهم ولم يذهب ابدا للصعيد ولاالأقصر واسوان
لم يسافر خارج مصر ابدا الا مضطرا مرتين فقط الى اليمن ويوغوسلافيا وكانت بتكليفات رسمية ضمن وفود ترسلها الدولة وسبب كراهيته للسفر هو بعد اصابته بمرض السكر الذى تطلب منه نظام خاص صارم فى الحياة التزم به دائما ومع انه كان يعشق السفر فى شبابه ويتمناه واتت له فرصة للسفر لفرنسا لكنها ذهبت فى اخر لحظة
يحكى عن شبابه انه عاش حياة عربدة كاملة وكان من رواد الصالات والكباريهات الى ان تزوج ومع انه تزوج دون حب لكنه كان كما يسميه زواجا عمليا بمعنى انه اختار الزوجة المناسبة لظروفه لتساعده على الكتابة وهو ماجعل زواجه ناجحا ومثمرا
ظل نجيب محفوظ موظفا فى الحكومة حتى وهو يكتب رواياته الى ان خرج على المعاش سنة 1971 بعد بلوغه الستين
المصدر
صفحات من مذكرات نجيب محفوظ / بقلم رجاء النقاش