أهداف نتنياهو من التصعيد.. الأسباب والنتائج المرجوة من تصعيد 2023
بقلم: أحمد الأسطل
منذ 15 عاما، لم يستطع أي حزب إسرائيلي تشكيل حكومة بشكل منفرد أو حكومة ائتلافية من حزبين متقاربين أيديولوجيًا في ظل تراجع اليسار وصعود الوسط واليمين الديني، وهو ما نتج عنه تشكيل حكومات ائتلافية ضعيفة معرضة للانهيار بشكل مستمر مما يعني عدم قدرتها على الصعود في الحكم لمدة الفترة القانونية الكاملة (أربع سنوات)، ومؤخرا شكل نتنياهو حكومة يمنية ضعيفة غير مستقرة، فرغم حصولها على أغلبية بسيطة من الكنيست إلا أنها ارتبطت بزعامات متعددة، مما أضعف سيطرة نتنياهو على صناعة القرار، حيث شكلت سياسات حكومته أزمة في داخل إسرائيل على الصعيد الداخلي بالتوجه لإخضاع القضاء لسيطرة نتنياهو ومحاولات تشكيلات ميلشيات شبه عسكرية تخضع بشكل مباشر للمستوطنين والمتدينين، مما أضعف ثقة الرأي العام الإسرائيلي بقيادة نتنياهو.
أما على الصعيد الخارجي واجهت حكومة نتنياهو وسياسات وزرائه انتقادات دولية وخاصة من حلفائها الرئيسيين كالولايات المتحدة التي تسعى لتحقيق الاستقرار في (الشرق الأوسط) لتركيز جهودها في أوكرانيا لمواجهة الصعود الروسي الصيني، وأمام هذه الإشكالية وللخروج من الأزمة سعى نتنياهو لحل الإشكالية على حساب الدم الفلسطيني.
بحيث يسعى نتنياهو من عملية الاغتيال بحق قيادات الجهاد الإسلامي إلى تحقيق عدة أهداف وأبرزها:
• استعادة ثقة الرأي العام الإسرائيلي بحكومته وسياساتها وإخراج حكومته من معضلة التعديلات القضائية من خلال توجيه الرأي العام الإسرائيلي للخطر الخارجي وتحقيق إنجازات تساهم في دعم الرأي العام الإسرائيلي لنتنياهو ومحاولاته لتوفير حصانة قانونية له من خلال التعديلات القضائية.
• إرضاء شركائه في الائتلاف: حزب الصهيونية الدينية وحزب عظمة يهودية وشاس التي تعتمد في شعبيتها على إراقة دماء الفلسطينيين، حيث تتبنى هذه الأحزاب فكرة الإبادة الكاملة للشعب الفلسطيني وتنكر وجوده فقد شهدت هذه الأحزاب تراجعًا في شعبيتها نتيجة عدم الوفاء بوعودها الانتخابية للشعب الإسرائيلي.
• التفرد بالمسجد الأقصى فقد استطاع نتنياهو تحييد الدول العربية من خلال اتفاقيات السلام والتطبيع والحد من نصرة المسجد الأقصى، وهوما يعني نجاح سياسة تقليم الأصابع وهو ما يعطي نتنياهو الفرصة لفرض سياسات حكومته الدينية المتطرفة التي تسعى لإحكام سيطرتها على المسجد الأقصى بشكل كامل.
• ضمان عدم تدخل الفلسطينيين في السياسات الصهيونية داخل المسجد الأقصى فقد استطاع نتنياهو تحييد كبرى فصائل المقاومة في غزة من الدخول في جولات تصعيد عام 2022 بعد نجاح استراتيجية تخفيف حدة الحصار مقابل الهدوء، وهو يسعى لترسيخ هذه الاستراتيجية في هذه الحرب لضمان عدم اعتراض حركة حماس على السياسات الصهيونية الدينية خلال الفترة المقبلة في المسجد الأقصى، بالإضافة لتثبيت سياسة التفرد بالقوى الفلسطينية فقد استطاعت إسرائيل تحييد حركة حماس عام 2022 من المعركة الدائرة بإخراجها من دائرة الاستهداف وهي تسعى في هذه الجولة إلى تكرار ذات السيناريو لإضعاف القوة العسكرية للمقاومة الفلسطينية.
وفي الختام، يسعى الاحتلال لتحقيق الهدوء بما يضمن تحقيق الأهداف السابقة دون الاستمرار في صراع مفتوح يؤدي لحالة عدم استقرار لدى الاحتلال، فهو خيار لا تستطيع حكومة نتنياهو تحمله، مما يدفع الاحتلال لزيادة الضربات ضد قطاع غزة لإدخال الفلسطينيين في اتفاق تهدئة يحقق الإنجازات السابقة لحكومة نتنياهو. ويبقى القرار في مدى صمود الجبهة الفلسطينية في إبقاء حالة اللاهدوء وعدم الدخول في تهدئة جديدة مع الاحتلال واتباع الرد بعمليات نوعية لا تعطي الشرعية لهجوم صهيوني واسع ضد قطاع غزة تحت ذريعة أمن إسرائيل.